*
الاحد: 28 ديسمبر 2025
  • 19 حزيران 2011
  • 10:10
التعريفة
الكاتب: حازم مبيضين
التعريفة
أكاد أجزم أن من تقل أعمارهم عن العشرين سنة من أبناء هذا الوطن لايعرفون أن هناك قطعة نقدية إسمها التعريفة وهي نصف القرش وتضم خمسة فلوس, لان هذه القطعة النقدية لاتشتري شيئاً وقد خرجت من التداول ومعها ضعفها أقصد القرش وربما الشلن أيضاً, ورغم ذلك فان الجهات الرسمية ما زالت تتعامل بما هو أقل منها وهو الفلس, وبه تتم الحسابات ولو بشكل نظري. في ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي كان طالب المدرسة والعسكري يركب الباص بتعريفة صعوداً إلى جبل الحسين أو هبوطاً من التاج والوحدات, وكان طالب الجامعة الاردنية يصل من الوحدات الى الجامعة الاردنية بقرشين على اعتبار هذا الخط من الخطوط الخارجية, وكانت التعريفة مصروفاً ممتازاً للطالب إن تمكن من الحصول عليها يومياً فقد كانت قادرة على أن تشتري له شيئاً يسكت به جوعه خاصة وهو لم يكن يعود إلى البيت قبل الثالثة عصراً , وكان التاجر في آخر اليوم يحصي التعاريف والقروش ليعرف مقدار بيعه في ذلك اليوم. اليوم تدخل الى السوبرماركت أو حتى البقالة, فلا تجد شيئاً لتشتريه بالعملة المعدنية الحمراء, تشتري شيئاً سعره على سبيل المثال 78 قرشاً, تعطيه ديناراً, فيعيد لك البائع عشرين قرشاً لانه لا يتعامل بالقروش, وهي ليست موجودة بحوزته, وقد جربت مرة دفع ثمن مشترياتي بالقروش الحمراء فرفض البائع قبولها باعتبار أنها ستكون عبئاً عليه وهي ليست بذات قيمة عنده رغم أنها عملة رسمية يصدرها البنك المركزي بكل جلال قدره. في سوق الخضار ينادي البائع على بضاعته بسعر الدينار باعتباره العملة المقبولة للتداول بين بكسات الخيار والبندورة, ينادي اثنين كيلو بندوره بدنار, ثلاثه كيلو بصل بدنار, " المقصود دينار " وكأن المفروض أن لانشتري بأقل من ذلك, وهو حتى حين يعرض بضاعته البائته والذابلة للبيع بالجملة فانه يضع لها سعراً لايقل عن الدينار, وسيكون غريباً أن يدخل الواحد إلى سوق الخضار وهو يحمل أقل من خمسة دنانير, إن كان يرغب بشراء مكونات صحن سلطه. نعرف أن الاسعار ارتفعت, لكن المؤسف أن يترافق ذلك مع سيادة ثقافة تحتقر ولا ترضى بالتعامل مع فئات نقدية, رغم أن قيمتها مكفولة بالقانون الذي يحظر على أي تاجر رفضها, ومع ذلك فقد رضينا نحن بالتنازل عن حق استعمالها, مثلما تنازلنا عن الكثير من حقوقنا كمواطنين, غير أن الملفت للنظر أن يتم التنازل هذه الايام ليس للحكومات التي تحكم رقابنا, وإنما لثقافة وافدة عنوانها " كيلو الكوسا بدنار ". أنا أفتش عن تاجر واحد في وطني يرضى بيعي شيئاً ليس مهما ماهو بتعريفة أو بقرش وسأكون شاكراً وممتناً لو دلني أحد عليه وأعد بزيارته ولو كان في أبعد قرية في الوطن, وسيكون الهدف أخذ صورة تذكارية معه باعتباره حارساً على قوانين البلد المالية وحريصاً على ثروته الوطنية. [email protected]

مواضيع قد تعجبك