خبرني – تاليا مشاركة من القارئة العزيزة لينا حول قصة واحدة من النساء العربيات اللواتي دخلن التاريخ :
كانت سعدى امرأة ذات جمال متزوجة من ابن عم لها و اصابه الفقر و الضيق ففرق والدها بينها و بينه فشكى امره الى مروان بن الحكم الذى كان يتولى المدينة حينها فما كان منه إلا ان رغب فيها وطلبها لنفسه ….. فقصد معاوية بن ابي سفيان ليشتكى ظلم وجور عامله مروان ابن الحكم ........... وقد كان معاوية بن أبي سفيان جالس بمجلسٍ كان له بدمشق على قارعة الطّريق، وكان المجلس مفتّح الجوانب لدخول النّسيم، فبينما هو على فراشه وأهل مملكته بين يديه، إذ نظر إلى رجلٍ يمشي نحوه وهو يسرع في مشيته راجلاً حافياً، وكان ذلك اليوم شديد الحرّ، فتأمّله معاوية ثمّ قال لجلسائه:....... لم يخلق الله ممّن أحتاج إلى نفسه في مثل هذا اليوم. ثمّ قال: يا غلام سر إليه واكشف عن حاله وقصّته....... فوالله لئن كان فقيراً لأغنينّه..... ولئن كان شاكياً لأنصفنّه...... ولئن كان مظلوماً لأنصرنّه...... ولئن كان غنياً لأفقرنّه..... فخرج إليه الرسول متلقياً فسلّم عليه فردّ عليه السّلام. ثمّ قال له: ممّن الرّجل؟ قال: سيّدي أنا رجلٌ أعرابيٌّ من بني عذرة، أقبلت إلى أمير المؤمنين مشتكياً إليه بظلامةٍ نزلت بي من بعض عمّاله.......... فقال له الرّسول: أصبحت يا أعرابي؟ ثمّ سار به حتّى وقف بين يديه فسلّم عليه بالخلافة ثمّ أنشد يقول: معاوية يا ذا العلم والحلم والفضل … ويا ذا النّدى والجود والنّابل الجزل........... أتيتك لمّا ضاق في الأرض مذهبي … فيا غيث لا تقطع رجائي من العدل............ وجد لي بإنصافٍ من الجّائر الذي … شواني شيّاً كان أيسره قتلي....... سباني سعدى وانبرى لخصومتي … وجار ولم يعدل، وأغصبني أهلي....... قصدت لأرجو نفعه فأثابني … بسجنٍ وأنواع العذاب مع الكبل........ وهمّ بقتلي غير أن منيّتي … تأبّت، ولم أستكمل الرّزق من أجلي......... أغثني جزاك الله عنّي جنّةً … فقد طار من وجدٍ بسعدى لها عقلي........... فلمّا فرغ من شعره قال له معاوية: يا إعرابي إنّي أراك تشتكي عاملاً من عمّالنا ولم تسمعه لنا!!!!!!!!!! قال: أصلح الله أمير المؤمنين، وهو والله ابن عمّك مروان بن الحكم عامل المدينة.......... قال معاوية: وما قصّتك معه يا أعرابي....... قال: أصلح الله الأمير، كانت لي بنت عمٍّ خطبتها إلى أبيها فزوّجني منها....... وكنت كلفاً بها لما كانت فيه من كمال جمالها وعقلها والقرابة. فبقيت معها يا أمير المؤمنين، في أصلح حالٍ وأنعم بالٍ، مسروراً زماناً، قرير العين. وكانت لي صرمةً من إبلٍ وشويهات، فكنت أعولها ونفسي بها....... فدارت عليها أقضية الله وحوادث الدّهر، فوقع فيها داءٌ فذهبت بقدرة الله...... فبقيت لا أملك شيئاً، وصرت مهيناً مفكّراً، قد ذهب عقلي، وساءت حالي، وصرت ثقلاً على وجه الأرض.......... فلمّا بلغ ذلك أباها حال بيني وبينها، وأنكرني، وجحدني، وطردني، ودفعها عنّي. فلم أدر لنفسي بحيلةٍ ولا نصرةٍ........... فأتيت إلى عاملك مروان بن الحكم مشتكياً بعمّي، فبعث إليه، فلمّا وقف بين يديه، قال له مروان: يا أيّها الرّجل لم حلت بين ابن أخيك وزوجته؟ قال: أصلح الله الأمير، ليس له عندي زوجة ولا زوجته من ابنتي قط. ........قلت أنا: أصلح الله الأمير، أنا راضٍ بالجّارية، فإن رأى الأمير أن يبعث إليها ويسمع منها ما تقول؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فبعث إليها فأتت الجّارية مسرعةً، فلمّا وقفت بين يديه ونظر إليها وإلى حسنها وقعت منه موقع الإعجاب والاستحسان......... فصار لي، يا أمير المؤمنين خصماً وانتهرني، وأمر بي إلى السّجن. فبقيت كأني خررت من السّماء في مكانٍ سحيقٍ............... فأمر معاوية باحضارها ..... فحملت إليه و هاله ما رأى منها من جمال فوقع فى نفسه ان يتزوجها هو.... فخيرها قائلا : يا سعدى أيّنا أحبّ إليك: أمير المؤمنين في عزّه وشرفه وقصوره.... أو مروان في غصبه واعتدائه.............. أو هذا الأعرابي في جوعه وأطماره؟؟؟؟؟؟؟؟ فأشارت نحو ابن عمّها الأعرابي، ثمّ أنشدت تقول:........ هذا وإن كان في جوعٍ وأطمـار ......... أعزّ عندي من أهلي ومن جاري ......... وصاحب التّاج أو مروان عاملـه .......... وكلّ ذي درهمٍ منهـم ودينـار.......... ثمّ قالت: لست، والله، يا أمير المؤمنين لحدثان الزمان بخاذلته، ولقد كانت لي معه صحبة جميلة، وأنا أحقّ من صبر معه على السّرّاء والضّرّاء، وعلى الشّدّة والرّخاء، وعلى العافية والبلاء، وعلى القسم الذي كتب الله لي معه. فعجب معاوية ومن معه من جلسائه من عقلها وكمالها ومروءتها وأمر لها بعشرة آلاف درهمٍ وألحقها في صدقات بيت المسلمين.




