*
الاربعاء: 17 ديسمبر 2025
  • 07 فبراير 2010
  • 00:00
اربعينية الشهيد علي بن زيد
اربعينية الشهيد علي بن زيد
كتبت مراسلتا الغد نادين النمري ولبنى عصفور :  يمتزج الأسى والحزن الساكن في قلوب عائلة الشهيد النقيب الشريف علي بن زيد، الذي تصادف اليوم الذكرى الأربعون لاستشهاده، بمشاعر الفخر والاعتزاز بالمهمة السامية التي قضى ابنهم شهيدا من أجلها.  الشريف علي فارق الحياة في الثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي أثناء أدائه الواجب الوطني في أفغانستان. وكان من المفترض أن يعود إلى أرض الوطن في اليوم الذي يلي الحادثة، لكن يد الغدر والإرهاب حالت دون عودته إلى وطنه وعائلته وزوجته.  لم تعرف والدة الشهيد يوما إلى أين يسافر ابنها، وما طبيعة المهام التي يقوم بها. كان عليّ يكتفي بالقول لأمه: "ثقي بي. أعرف ماذا أفعل، وستكونين فخورة بي".  وهذا كان حال والدته دائما، فهي شديدة الفخر به، وتقول إنه "كان رجلا وطنيا منتميا لوطنه ومليكه، وشعاره كان دائما (الله الوطن الملك)".  وتتابع "علي استشهد بطلا، وكلنا فخورون به وبحياته، فهو ترك إرثا عظيما لأشقائه وعائلته، فهو سليل الشهداء الهاشميين، بدءا من حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء، إلى الملك عبدالله المؤسس".  الشريف علي استشهد وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، "ولم تمهله الحياة كثيرا، لكن يكفي ما حققه في مجال خدمة بلاده وسيده جلالة القائد"، بحسب والدته.  الشريف علي رحمه الله لطالما اعتبر عمله واجبا ومسؤولية وطنية لم يكن يسعى في يوم الى وظيفة أو رتبة، فهو كما يؤكد شقيقه الأكبر الشريف حسن، "كانت أقصى طموحاته أن يجعل سيدنا يفتخر به، وأن يزهو كهاشمي ينافح عن الإسلام في وجه قوى الظلام والإرهاب والموت". ويضيف الشريف حسن "أخي عانق الموت بكل إباء ورجولة، دفاعا عنا وعن أمننا وأطفالنا وحلمنا ومستقبلنا. لقد دافع عن الحياة، فوهبت له الشهادة".  وفي السياق ذاته يؤكد شقيق الشهيد، الشريف عبدالله الذي يقول إن "كون شقيقي شريفا هاشميا من سلالة الشريف حسين بن علي والرسول صلى الله عليه وسلم، حتّم عليه، وشكل لديه دافعا داخليا للقيام بواجبه في خدمة وطنه ومليكه، حيث لم يكن الشهيد يسعى يوما إلى وظيفة أو رتبة".  وتروي العائلة أن الشريف علي كان يهوى منذ طفولته العمل الاستخباراتي والعسكري، فقد كان حلم حياته الالتحاق بالعمل في دائرة المخابرات العامة، وهو حلم تمكن من تحقيقه.  وتضيف بأنه قبل أن يخدم في دائرة المخابرات، التحق للعمل في الأمم المتحدة بجنيف في مجال تعويضات اللاجئين بعد أن أنهى دراسته في جامعة اميرسون بولاية بوسطن الأميركية، لكن حلمه بالالتحاق بالعمل الاستخباراتي بقي يراوده، إلى أن عاد إلى وطنه ليخدم المؤسسة التي طالما رغب في الانتماء إليها.  ولم تكن طبيعة عمله بالأمر الهيّن، كما تقول عائلة الشهيد عليّ، فواجب من هذا النوع يتطلب تضحيات على مستوى الحياة الاجتماعية، خصوصا لشاب يافع لم يمض على زواجه سوى عام ونصف. ورغم ذلك لم يفكر، ولو في يوم واحد، أن يتخلى عن العمل الذي يحب ويرى فيه واجبا ومسؤولية وطنية.  تقول فدى زوجة الشهيد "كثيرا ما كنا نتغيب عن مناسبات اجتماعية أو عائلية لظروف تتعلق بعمله. لم نكن فعليا كأي زوجين عاديين، ولكن ذلك لم يزعجني أبدا، فعندما تحب شخصا، فإنك تحب كل التفاصيل المتعلقة بحياته".  وتتابع "رغم ذلك كنا نستمتع بوقتنا معا، فلدينا هوايات مشتركة، كالتخييم، والصيد، وحب الطبيعة، وكنا نمارس هذه الهوايات كلما سنحت لنا الفرصة، كما كنا نحرص على أن نمضي وقتا ثمينا معا، حتى وإن كان قليلا".  وهنا تستدرك والدته لجملة قالها ابنها الشهيد، عندما أصر أفراد أسرته عليه أن يشارك في حفل زفاف أحد المقربين، حينها اعتذر عن المشاركة بالقول "أنا أعمل كي تستطيعوا حضور هذا الحفل وأنتم آمنون". وتضيف "ظل يحب المغامرة والتحدي، وكان هادئا بطبعه لا يحب الحياة الصاخبة، من صفاته أنه مرح يهتم بعائلته وكل من حوله، ومع ذلك لم يكن عليّ شخصية سهلة، بل كان صلبا وعنيدا في آرائه".  وتتابع زوجته "عليّ حنون، محب، يسعى لخدمة الآخرين".  تفجيرات التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 التي استهدفت ثلاثة فنادق في عمان، أثرت في الشريف علي الذي كان حينها منتسبا للخدمة في دائرة المخابرات العامة.  الشريف علي كان من أوائل الأشخاص الذين شهدوا الحادثة، وشكلت حينها تأكيدا له على ضرورة محاربة الإرهاب والإرهابيين، كما تقول عائلته.  يقول الشريف عبدالله "عند حدوث التفجيرات قال عليّ هذا ليس العالم الذي نريده. إنه لا يعكس ديننا".  الشهيد الشريف علي، الذي عرف بإصراره وعناده، خدم وبكل إخلاص قضية ومسؤولية لطالما آمن بها، وفق مقربين منه أكدوا أنه لو عرف مسبقا مصيره لكان استمر في تأدية واجبه الوطني من دون أي ندم، فهو ذهب إلى أقصى بقاع الأرض وأخطرها، وكان يدرك تماما إلى أين هو ذاهب، وما مدى الخطورة التي ستواجهه.  وبإيمانها، وصبرها، تقول والدته "أنا على قناعة تامة أنّ هذا ليس حاله فقط، وإنما حال جميع المنتسبين إلى القوات المسلحة ودائرة المخابرات العامة، فهم على قدر تحمل المسؤولية ولو كانوا مكانه لقاموا بالعمل نفسه".  وتزيد "مصابنا كبير، لكن ما خفف علينا هو وقفة جلالة الملك عبدالله الثاني، وجلالة الملكة رانيا والعائلة المالكة، والأسرة الأردنية كافة. فلقد كانت هذه الوقفة العظيمة بمثابة شفاء لآلامنا، وتعزية لقلوبنا التي شققها الغياب الفادح لعليّ".  

مواضيع قد تعجبك