*
الثلاثاء: 23 ديسمبر 2025
  • 26 أيلول 2021
  • 13:42
أنقذوا الطفل محمد وإخوته
الكاتب: د. اسامة ابو الرب
أنقذوا الطفل محمد وإخوته

على هاشتاغ #انقذوا_الطفل_محمد شاهدنا فيديو مفزعا لطفل ربطه أبوه بقفل في رقبته وسلاسل، والدماء تسيل منه، في مشهد يجعلك تتأكد أن والده ليس من البشر!

الفيديو فيما يبدو أنه في العراق، ويتوافق هذا مع إعلان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن توجيهه "بتنفيذ الاجراءات القانونية، واحتجاز المواطن الذي ظهر في مقطع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يمارس العنف ضد أحد أبنائه".

الأب هو مصدر الأمان لأبنائه، ولنا أن نتخيل مشاعر هذا الطفل وهو يرى والده، مصدر أمانه، يتحول إلى مصدر للرعب، تعذيبا وإهانة وعلى الملأ!

أبناؤنا فلذات أكبادنا، وهم ليسوا عبيدنا، ونحن لا نملكهم ولا نستعبدهم. فهم نعمة الله، الذي أنعم علينا بهم واستئمننا عليهم، فمن خان هذه الأمانة استحق أن تسلب منه، وأن يعاقب أشد عقوبة.

الطفل محمد الذي في الفيديو ليس وحيدا، إذ وفقا لمنظمة الصحة العالمية تشير التقديرات إلى أن عددا يصل إلى مليار طفل عالميا في المرحلة العمرية من عامين وحتى 17 عاما تعرضوا لعنف بدني أو جنسي أو وجداني أو عانوا من الإهمال في العام الماضي، وفقا لبيان صدر في 2019.

ووفقا للمنظمة تنطوي معظم أشكال العنف ضد الأطفال على واحد على الأقل من ستة أنواع رئيسية من العنف الشخصي تحدث عادة في مراحل مختلفة من نمو الطفل، منها سوء المعاملة مثل العنف البدني والنفسي والإهمال، والتسلط، والعنف المنزلي، والعنف الجنسي.

ويشمل العنف الوجداني أو النفسي تقييد تحركات الطفل، والتوبيخ، والسخرية، والتهديدات والترهيب، والتمييز، والنبذ وغير ذلك من الأشكال غير الجسدية للمعاملة بعدائية مع الطفل.

يؤثر التعرض للعنف في مرحلة الطفولة على التمتع بالصحة والعافية طوال العمر، وقد يؤدي لقتل الطفل، أو حدوث إصابات جسدية، كما يؤثر على النمو العقلي ونمو الجهاز العصبي، ويؤثر أيضا على الغدد الصماء، والدورة الدموية، والنسيج العضلي الهيكلي، والأجهزة التناسلية والتنفسية والمناعية، وفقا لمنظمة الصحة.

منظمة الصحة تؤكد أن العنف ضد الأطفال يمكن أن يؤثر سلبا على النمو الإدراكي وأن يؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسي والإنجاز المهني.

الأطفال ضحايا العنف يميلون إلى التكيف معه بسلوكيات خطيرة، فهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وقد يتجهون للتعويض عن ذلك وكوسيلة هرب أو نسيان لسلوكيات مثل التدخين والكحول والمخدرات، كما ترتفع لديهم مخاطر القلق والاكتئاب والانتحار.

هناك ما يمكننا أن نفعله، يجب علينا أولا أن نحمي أطفالنا، أن نعاملهم باللين وبالحب، دون أي عنف. يمكننا التعامل معهم بالثواب والعقاب، لكن دون تعنيف أو تسلط أو إهانة. ناهيك عن الضرب، الذي هو أمر ممنوع تماما، وليس وسيلة للتربية.

أما قبل بدء العائلة والزواج، فيجب التأكد من أن الزوجين مؤهلان عاطفيا وعقليا لاستقبال أبناء والعناية بهم، فالأطفال مسؤولية كبيرة، ويجب على الأهل أن يربوهم أحسن تربية، فالتربية وظيفة الأهل، لا وظيفة الشارع!

وقبل أن نطالب الأولاد ببر والديهم، يجب على الأهل أن يبروا أبنائهم، وهذا لا يكون بضربهم أو إهانتهم!

أما على الدولة فيجب أن تشدد القوانين التي تجرم وتعاقب العنف الأسري، فالطفل ليس ملك أبيه، فهو ملك للأمة والوطن والدولة، التي تتدخل وتحميه عندما يستبد ولي أمره.

هناك عوامل مجتمعية تزيد خطر العنف لموجه ضد الأطفال وفقا لمنظمة الصحة، مثل الفقر وارتفاع الكثافة السكانية وتدني التماسك الاجتماعي وسهولة لوصل للكحول والأسلحة النارية، ووجود تجمعات للعصابات والاتجار بالمخدرات. وهنا يأتي دور الدولة، التي عليها أن تكافح الفقر والمخدرات وتوفر مجتمعا آمنا يساعد الأهل على تربية أبنائهم.

ندعو لإنقاذ الطفل محمد ووضعه بين يدي من يرعاه الرعاية الطيبة الآمنة، ونؤكد على ضرورة أن يعاقب والده. كما ندعو لإنقاذ مليار طفل في العالم ضحايا العنف.

أطفالنا ليسوا دوابا حتى نضربهم، وهم هبة الله ونعمة أنعمها على الآباء والأمهات، وشكر هذه النعمة يكون بالرعاية والصون.

 

مواضيع قد تعجبك